يوم سياه

صور بلوشستان 2010




الـــــعلاقة بـــين اليــــــمن ومــــــــكران موطــــــن الـــــبلوش



أطلق العرب في العصور الوسطى إسم ـ طوران ـ على صحراء بلوشستان الوسطى وأطلقوا إسم مكران على جميع القسم الغربي من بلوشستان حتى ساحل الخليج العربي وحتى منطقة ـ بمپور ـ وقد سماه الفرس القدامى ـ ماكرستان أو مكريا ـ ويسمية اليونان ـ كيدروسي و ميكيا ـ إن كلمة مكران مركبة من كلمتين ـ مك ـ و ـ ران ـ ومعناها ( أرض النخيل ) . والإيرانيون يسمون مكران ـ ماهي خوران ـ وماهي هو السمك في اللغة الفارسية . وخوران بالفارسية أيضاً الأكلة والمعنى ( أكلة السمك ) . ويرى الإيرانيون أن كلمة مكران محرفة من ـ ماهي خوران ـ وبعض المؤرخين يسمون مكران ـ موكريا ومكين أو مكاران . وجاء في ( معجم البلدان لياقوت ) أن أصل التسمية هو ـ مكران بن فارك بن سام بن نوح عليه السلام ـ وقد كانت هذه الأرض موطناًَ له . والظاهر أن مكران هو إسم لذات هو مكران بن فارك مثلما كان ـ سام ـ وحام ـ وكرمان ـ أسماء لذوات . ونقلاًَ عن ياقوت وعن طبقات إبن سعد أن مكران كان معاصراًَ ـ لناحور ـ الجد الأعلى لإبراهيم عليه السلام ويتح من ذلك ان مكران وكرمان وعبدالشمس وسبأ قد كانوا معاصرين لبعضهم بعضاً . كما ذكر فريدي المشار اليه ذلك نصاًَ وتدليلاًَ . وتحدث فريدي عن بني قحطان وعندماًَ أورد شجرة نسب إبراهيم عليه السلام متضمنة إسم مكران الذي يعد قحطان هو الجد الثالث له . قال إنه قد إستمد أصول هذه الشجرة من طبقات إبن سعد . وقال إن عابراًَ هو الجد الخامس لإبراهيم عليه السلام وإن إبراهيم عليه السلام هو الجد الثاني لقحطان . وقال فريدي إن قحطان هو الجد الثالث لمكران وكرمان الذي عمر أبنائه اليمن فوصفت باليمن السعيد منذ ذلك الحين . وأضاف فريدي إن الملكة بلقيس هي الحفيدة الثامنة لسبأ ومن بين أبنائه ـ حمير و أنمار ـ وقد إشتهر الحميريون بتشييد السد الصخري المسمى ـ سد مأرب ـ وقد إشتهرت أنمار بالفتوحات وعرفت بإسمهم بعض نواحي العراق . وكما قلت فإن الأستاذ فريدي يستقي من ياقوت الحموي ومن طبقات إبن سعد . وفي آخر صفحة ـ 151 ـ وصفحة ـ 152 ـ تحدث الأستاذ فريدي عن المقابر القديمة والآثار الحضارية الحميرية في منطقة ـ كلات وشش پيله وكپچ ومستونك وسبي وخاران وموهنجو وشهوان ـ كل هذه المواقع حضارية في بلوشستان . ويضيف إن هذه الآثار تنطق وهي صامتة معبرة عن تاريخ بني مكران القحطانيين بما يظهر من باطنها عند التنقيب والحفر من التحف الثمينة القيمة الدالة على نبوغ أولئك القوم من بني قحطان المنتسبين الى مكران . ثم يتحدى فريدي أي قائل يقول بنسبة هذه المومياء والعاديات المستخرجة من هذه البقاع البلوشية الى أية امة أخرى أو أي أحد من الناس الآخرين غير بني مكران . وفي دائرة المعارف الإسلامية الجزء الثالث صفحة ـ 131 ـ الترجمة العربية : وأقدم إسم لهذه البلاد لدينا عنه بعض المعلومات هو ـ مكه ـ في نقوش بهستون وهو Mekia عند هيرودوس أو بلاد الميكيان Mykians وأن الفاتحين العرب في القرن الأول للهجرة وجدوا أن الإسم هو مكران بضم الكاف لا مكران بفتح الكاف وتسكينها كما هو الآن . ولعل القراءة الصحيحة هي مكران بضم الميم وضم الكاف وهو النطق الحالي عند البلوش . لقد أردت من هذا النقل والإقتباس إفادة القارئ العربي الذي لم يتسير له الإطلاع على تاريخ بلوشستان المكتوب باللغات الأجنبية . ورأيت أن من الضروري الإحاطة بخلاصة الآراء الواردة في أسلوب تسمية كرمان ومكران وإرجاعها الى مصادرها المتضمنة لها . ولأجل الإطلاع على الزراعة والعمران في إقليم مكران فإنه ينبغي الإلمام والمعرفة بالأقاليم والأقطار المجاورة له . القريبة منه والبعيدة عنه فمكران هو مهد . وقد أجمع المؤرخون على أن جنوب الجزيرة العربية قد كان من أخصب بلاد العالم وأكثرها إزدهاراً في الثروات الزراعية النامية . وذكر المؤرخون الكبار مثل ـ هيرودوس وستريو ورپليني ـ في آثارهم المدونة المنشورة على الملأ أن أرض العرب الجنوبية كانت من أعمر الأراضي في الدنيا . ولقد كانت هذه التربة الغنية بما حصل لها من وسائل الري الفنية التي حارت لها العقول في ذلك الزمان سببا للرفاه والسعادة ورغد العيش . فلقد أقيمت السدود المحكمة القوية على جوانب القنوات والبحيرات للسيطرة على المياه وضبطها وتوجيهها . ومن ذلك خزان الماء الشهير الضخم الذي شيد بالنفط الأسود وبني من الحديد والحجارة التي أحكم بعضها الى بعض بقضبان الحديد وأعمدة الفولاذ في مساحة من الأرض مقدارها ثمانية عشر ميلاً مربعاً عرضاً . ومائة وعشرون قدماً عرضاً . يضاف الى ذلك الأحواض والعيون والمنابع المنحدرة من رؤوس الجبال . فلقد نظمت مصباتها تنظيماً دقيقاً في قنوات زراعية مقدرة تقديراً كاملاً بحيث لا ينهدر من مياهها شئ . حتى كان سد مأرب جديراًَ أن يبقى رمزاًَ لعظمة هذه البلاد ومثلاًَ ناطقاًَ دالاًَ على حضارتها العريقة . وقد كانت الخضرة والربيع والثمار متوفرة في كل فصول السنة حتى أن الأشجار المتدلية القطوف كانت تظلل بأغصانها وأوراقها رؤوس الفرسان وهم على ظهور خيولهم في محراب أخاذ فاتن من إخضرار البساتين الممتدة الى ما شاء الله . وكانت حضرموت من جملة أقاليم اليمن المربعة أيضاًَ . وعلى الجانب الأيمن من خليج العرب يبدأ إقليم مكران الغربية . وهو القسم المهم من مكران القديم . وليس معقولاًَ إذن أن تترقى الحضارة متقدمة متطورة في الجانب الأيسر من خليج العرب فيبلغ أبناء قحطان هذا الأوج الرفيع في صعود الحضارة وعلو الفكر ويتخلف إخوانهم وأبناء عمومتهم من العرب الأصلاء الأقحاح الموجودين في الجانب الآخر من خليج العرب . فلا بد إذن من تأثر العرب القحطانيين في مكران على جانب الخليج العربي الأيمن بما بلغه إخوانهم من وسائل العلم والمعرفة بتطوير حياتهم الإقتصادية والإجتماعية والعمرانية . فلقد أثبتت مراجع التاريخ القديم أن بني مكران كانوا مثل إخوانهم بني سبأ يبذلون جهوداًَ عظيمة ويسعون بكل قواهم للنهوض بمكران زراعياًَ وصناعياًَ مثلما كان يفعل إخوانهم في اليمن حتى صار إقليم مكران في تلك العصور السالفة مشابهاًَ لأرض سبأ في زراعته وفي السيطرة على مياهه والتمكن من تنظيمها وبناء السدود عليها حسب الإمكانات الحاصلة آنذاك فعمرت البلاد تعميراًَ شاملاًَ . وإزدهرت ـ خاران كيچ وقلات ـ الى مستونگ . ولقد كتب في ذلك الرحالون العالميون ومنهم ـ ديگر برگ ـ


فقال : لقد عثرت على آثار حضارية رائعة في جبال ـ خاران ـ ومن المعلوم أن الوسائل والأسباب وعوامل التطوير المادي المتخذة في القرون السالفة تختلف إختلافاً تاماًَ عما عليه في هذا القرن . ولكن ألوف الجدران تصطدم بها العيون في وادي ـ خاران ـ وأطرافة ويسمونها هنا ـ گربد أو بنداتش پرستان ـ أي سد عباد النار . مع إنها آثار حميرية عربية تطاول عليها الزمان فتبدلت أسماؤها ونسي مشيدوها الأوائل من عرب اليمن . ويتبين من وجود هذه السدود وهيئة تكوينها إنها كانت قائمة على عيون غزيرة . ومنابع متدفقة بالمياه العذبة . إن على الشمال من قصبة كويته سلاسل جبلية من المرتفعات المتشكلة على هيئة قطار ولا يفصل بينهما إلا مسافات قليلة بالإضافة الى ذلك فإن من القرب من ـ بي بي ناني ـ بعض الصخور والأتربة المتحجرة المستخرجة من أحد الآبار الغائرة التي يظهر منها إنها مصنوعة في أزمنة حضارية قديمة . وقد أكد الباحث الأستاذ ـ مير رحيم داوخان مولائي شيدائي ـ إن هذه السدود ونظم الري لم يكن لها أية صلة بالمجوس وليس لها علاقة بعبدة النيران ـ آس پرستان ـ ولا يمكن أن تنسب الى ـ كاوس وكيخسرو ـ من ملوك الفرس الغابرين . لقد برع اليمانيون في تشييد السدود الموصلة بين الوديان . وعندما جرف سيل العرم سد مأرب فحطمة هاجر عندئذ اليمانيون الى مكران . ومثلما فعلوا في اليمن من التعمير الزراعي وتنظيم المياه فإنهم أقاموا السدود هنا وأنشاوا القناطر وأسسوا المنشآت الزراعية القوية الكبيرة التي كانت تمتد من مكران والسند الى خاران . ولكن جهل البلوش بالتاريخ وبسبب الغفلة والأمية والإنقطاع عن تاريخهم الحميري
القحطاني . فقد درجوا على تسمية هذه الجدران والأبنية الحميرية الأثرية بإسم عبدة النيران أو بتسميتها ـ گربند ـ . غير أن الكرنل ـ سير هامس هالدج ـ نائب رئيس الجمعية الجغرافية ـ رويل جغرافكل سوسايتي ـ يعتقد إعتقاداًَ جازماًَ أن هذه السدود والأبنية والقنوات هي آثار حميرية يمانية . إن الأرقام والألواح والنقوش المكتشفة في آثار مكران القديمة جاءت كلها مكتوبة بالخط الكوفي . أما الرقعة التي إكتشفها ـ الكشان مك ـ قرب ـ پذران ـ في قصبة جهلان . فإنها مكتوبة بالخط الحميري ولا جدال في ذلك .


المراجع:

*
البلوش وبلوشستان-للفريدي
*
بلوشستان ديار العرب- للشيخ معن بن شناع العجلي الحكامي

0 التعليقات:

إرسال تعليق